Page 75 - web
P. 75
الوقاية من خطاب الكراهية ومكافحته بين مقالات وآراء
القانون ووثيقة مكة المكرمة والتشريع الجزائري
العميد الأول للشرطة لعروم أعمر
تمهيد رئيس خلية الاتصال والصحافة
في ظـل الانعـدام القيمـي الـذي تفـرزه سـلبيات العولمـة وانتشـار وسـائل وتكنولوجيـات الاتصـال
وات ـساع رقعـة خدمـات الإنترنـت عرب العالـم ،يطـرح خطـاب الكراهيـة إ ـفرازات سـلوكية ومخاطـر بالمديرية العامة للأمن الوطني -الجزائر
جسـيمة على تماسـك المجتمعـات ،وحمايـة حقـوق الإن ـسان وسـيادة القانـون؛ مـا يسـتدعي أكثر عضو الهيئة الاستشارية للمجلة
من ذي قبل توسيع الاهتمام الوطني والدولي من أجل الوقاية من الظاهرة ومكافحتها بصرامة،
74
حفا ًظـا على أمـن المجتمعـات واسـتقرارها ونشـر الوئـام والسلام بني الإنسـانية.
ومن خلال هذا الموضوع نسعى إلى إبراز دور المش ّرع الدولي والمش ّرع الجزائري للوقاية من خطاب
الكراهيـة ،وأي ًضـا لإ ـبراز المبـادئ السـامية التـي جـاء بهـا الإسلام والتـي تبسـط فوائدهـا ومقاصدهـا
الإصلاحيـة إلى كافـة الإنسـانية .حاولنـا التعريـج على المبـادئ والأسـس التـي جـاءت بهـا وثيقـة مكـة
المك ّرمـة عـام 2019م ،لتعزيـز سـبل الوقايـة ومكافحـة خطـاب الكراهيـة التـي صـدرت عـن كبـار
علمـاء الأمـة الإسلامية مـن كل المذاهـب ومـن كل القـارات بمبـادرة مـن رابطـة العالـم الإسلامي.
أو ًل :القانون الدولي في مواجهة خطاب الكراهية
يحظـر القانـون الـدولي التحريـض على خطـاب الكراهيـة ،لمـا يتضمنـه مـن سـلوك وعبـارات سـلبية
تغـذي التمييـز والعـداء والعنـف ،مـا قـد يـؤدي إلى الت ـطرف وارتـكاب الجرائـم الماسـة بالأشـخاص
والممتلـكات والإرهـاب ،ومنـه تهديـد الأمـن والاسـتقرار في المجتمعـات.
وقد تم تحديد المعايير الدولية بشأن مسألة خطاب الكراهية من خلال التوازن في المادتين التاسعة
ع ـشرة ( )19والعشـرين ( )20مـن العهـد الـدولي الخـاص بالحقـوق المدنيـة والسياسـية ،بإ ـقرار الحـق
في حريـة التعبير ،ويشـمل هـذا الحـق الحريـة في التمـاس المعلومـات وتلقيهـا ونقلهـا ،والتمـاس
الأفـكار مـن جميـع الأنـواع ،ب ـصرف النظـر عـن الحـدود.
وتحدد أي ًضا المادة التاسعة عشرة ( )19القيود التي يمكن أن ترتبط بهذا الحق ،بما في ذلك احترام
حقوق الآخرين أو احترام سمعتهم.
أمـا المـادة العشـرون ( )20فقـد نصـت على حظـر أيـة دعايـة لل ـحرب بموجـب القانـون ،وحظـر أيـة
دعـوة إلى الكراهيـة القوميـة أو العنصريـة أو الدينيـة ،وكل مـا يشـكل تحري ًضـا على التمييـز أو
العـداوة أو العنـف.
في نفـس السـياق ،ت ـفرض اتفاقيـة الق ـضاء على جميـع أشـكال التمييـز العنصـري ،ح ـظ ًرا واسـع
النطـاق ،فالمـادة الرابعـة ( )4مـن الاتفاقيـة تطلـب مـن جميـع الـدول التـي هـي ـطرف في المعاهـدة،
أن تعلـن جريمـة جنائيـة «كل نشـر للأفـكار القائمـة على التفـوق العنصـري أو الكراهيـة العنصريـة،
والتحريـض على التمييـز العنصـري ،وتوفير كل مسـاعدة للنشـاطات العنصريـة» ،و«المشـاركة في
المنظمات ،وتنظيم جميع الأنشطة الدعائية الأخرى التي تش ّجع وتح ّرض على التمييز العنصري».
و ـجاء أي ًضـا نبـذ خطـاب الكراهيـة في توصيـة السياسـة العامـة الصـادرة عـن المفوضيـة الأوروبيـة
لمناهضـة العنصريـة والتعصـب الصـادرة في 8ديسـمبر 2015م ،التـي تعترب أن خطـاب الكراهيـة
هـو الدعـوة أو الترويـج أو التحريـض على تشـويه صـورة شـخص أو مجموعـة مـن الأشـخاص أو
تشويه سمعتهم ،وأي تحرش أو إهانة ،والقوالب النمطية السلبية أو الوصم أو التهديد لمثل هذا
الشـخص أو الأشـخاص وأي تبريـر لجميـع أشـكال التعبير هـذه.